* مُتلازمة المُدير العربي *
يعرفُ الجميعُ أن يوسف عليه السّلام رفضَ الإذعان لزليخة فيما طلبته منه..
فدخل السّجن ظلماً، ولبثَ فيه بضع سنين..
ثمّ شاء الله أن يرى الملك رؤياه الشّهيرة، ويرسل صاحب يوسف عليه السّلام القديم في السجن ليأتيه بتعبيرها.
ولكن لا يعرفُ الجميعُ أن يوسف عليه السّلام في تعبيره للرؤيا قد وضعَ أهمّ قانون في علم الإدارة.
🔻 وهو
* أنّ الفشل يقع بسبب سوء الإدارة لا بسبب قلة الموارد *!
فيوسف الوسيم حدّ الذّهول، الحكيم حدّ العبقريّة.
لم يرشدهم إلى البحث عن موارد جديدة لتخطي السبع العجاف.
كلّ ما فعله هو أنه أرشدهم إلى طريقة إدارة الموارد المتاحة بين أيديهم!
ثم شاء الله أن يخرج من سجنه، ويدير تلك الموارد المتاحة بنفسه، ويقود أهل مصر وجيرانهم الكنعانيين والهيثيين إلى برّ النجاة!
*أمّا اليوم ... فيعرفُ الجميع، باستثناء المدراء طبعاً*
*أن الفشل يقع بسبب سوء الإدارة لا بسبب قلة الموارد*!
فإذا تعرّض فريق كرة قدم لخسائر متلاحقة يطردون المُدرّب ولا يبيعون اللاعبين!
وإذا تفاقمت مشكلة وطن يعزلون الحكومة ولا يُغيّرون الشّعب!
وإذا وصلتْ العلاقة الزّوجيّة إلى طريقٍ مسدود فهذا خطأ الزّوجين لا خطأ الأولاد!
*وحده المدير العربيّ ملكاً كان، رئيساً، وزيراً، زوجاً، في الجامعة، والمدرسة، والمستشفى، والشركة، والمصنع، والورشة، يبحث عن سبب المشاكل في كلّ مكان إلا في نفسه*! إلا من رحم الله
دوماً يبحثُ عن مشجب يُعلّق عليه فشله.
فإذا نجح اختال كالطاوس فهذا النجاح نجاحه، وإذا فشل فحتماً هو خطأ الذين يعملون تحت إمرته!
يستحيلُ أن ينجح مدير لا يملك الجرأة ليعترف أنّ أي خطأ يقع ضمن حدود صلاحياته هو خطؤه بالدرجة الأولى
منذ سنواتٍ نظّمتْ إحدى جامعات بلجيكا، إن لم تخني الذاكرة، رحلةً لطلابها،
وأثناء الرّحلة قام أحد الطلاب بقتل بطّة، فاستقال وزير التعليم!
وعندما سألوه عن علاقته بمقتل البطة حتى يستقيل،
قال: أنا مسؤول عن نظام تعليمي أحد أهدافه أن ينتج مواطنين يحترمون حقّ الحياة لكلّ المخلوقات،
وبما أنّ هذا الهدف لم يتحقق فأنا المسؤول!
🔷 لو حدثتْ هذه القصة عندنا، سيُوبّخ وزير التعليم مدير الجامعة، وسيوبّخ مدير الجامعة المعلم، وسيوبخ المعلم التلميذ، *وسيوبخ التلميذ البطّة*!
هذه هي عقليتنا الإدارية باختصار : تحميل أسباب الفشل لمن هم تحت إمرتنا ،
*فلا أحد يجرؤ أن يعترف أن نصيبه من الفشل هو بمقدار نصيبه من المسؤولية*!
يستحيلُ أن ينجح مدير لا يملك الجرأة ليعترف أنّ أي خطأ يقع ضمن حدود صلاحياته هو خطؤه بالدرجة الأولى !
أحد أسباب نجاح عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إدارة أمة كاملة هو امتلاكه لجرأة أن يلوم نفسه قبل أن يلوم عمّاله على أي خطأ يقع!
وهو القائل:
لو أنّ دابة عثرتْ عند شاطئ الفرات، لخشيتُ أن يسألني الله لِمَ لَمْ تُصلح لها الطريق يا عمر؟! هو في المدينة وهي دابة في العراق، ولو تعثرتْ فهذه مسؤوليته قبل أن تكون مسؤولية عامله على العراق!
هزيمة جيش ما هي إلا فشل الجنرالات قبل أن تكون فشل الجنود،
وسوء شبكة الطرق هي فشل وزير المواصلات قبل أن تكون فشل البلدية،
وسوء أحوال المستشفيات هي فشل وزير الصحة قبل أن يكون فشل الأطباء والممرضين، وعلى صعيد أصغر هذه كتلك !
فإذا تردتْ أحوال البيت على الزوج أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب زوجته وأولاده.
وعندما تتردى أحوال مدرسة على المدير أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب معلميه وطلابه.
وعندما يتردى حال مصنع على مديره أن يحاسب نفسه قبل أن يُحاسب عماله.
*لأنّ المؤسسات أجساد والمدراء رؤوس، وإنه لا يستقيم جسد ما لم يستقِمْ رأسه*.
______________________________
موضوع ذو صلة
------------------------------
🔷 قصة يوسف "أحسن القصص"